بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ
(بسم الله الرحمن الرحيمكهيعص) كمال هدايتنا وهبناه ينبوع علمنا الصادق الصفي محمدا صلى الله عليه وسلم هذا (ذكر رحمت ربك) وقرئ ذكر رحمة على الماضي وقرئ ذكر على الأمر (عبده) المنبأ (زكريا) صلى الله على نبينا وعليه ( إذ نادى ) زكرياء ( ربه نداء ) دعاء ( خفيا ) جوف الليلل سرا (قال رب إني وهن ) ضعف ( العظم مني ) عظمي ( واشتعل الرأس شيبا ) كثر شيب رأسي ( ولم أكن بدعائك ) بطلبي منك ( رب شقيا ) خائبا فاستجب لي ( و إني خفت الموالي ) أولاد عمي ( من ورائي ) أي بعد موتي أن لا يحفظوا الدين وقرئ خفت الموالي أي قلوا ( وكانت امرأتي عاقرا ) لا تلد ( فهب لي من لدنك ) من واسع فضلك ( وليا ) ابنا صالحا ( يرثني) وقرئ مجزوما ( ويرث من آل يعقوب ) جدى إسرائيل النبوة ( واجعله رب رضيا) مرضيا لديك فاستجاب الله دعاءه وقال له (يا زكريا إنا نبشرك بغلام ) يكون نبيا صالحا ( اسمه يحي) يحي به علمنا وطاعتنا ( لم نجعل له من قبل سميا) أي لم يسم قبله بهذا الاسم أحد (قال) زكرياء (رب أني) كيف ( يكون لي غلام وكانت امرأتي) فيما مضى (عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا) أي انتهاء في السن وحالي وحالها لا يقتضي الولادة ( قال ) أي الله (كذلك) الأمر أخلق منكما الغلام ( قال ربك هو علي هين ) أرد عليك قوة الجماع وأفتق رحم امرأتك للحمل وقرئ وهو علي هين (وقد خلقتك من قبل) وأنا القادر ( ولم تك شيئا) بل كنت معدوما ( قال ) زكرياء ( رب اجعل لي آية) علامة على حمل امرأتي ( قال ءايتك) على ذلك ( ألا تكلم الناس) تترك مكالمتهم و تشتغل بالذكر
ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
(ثلاث ليال) بأيامهن كما في سورة آل عمران ثلاثة أيام ( سويا) أي وأنت صحيح ( فخرج على قومه من المحراب) من المسجد ولم يقدر على الكلام ( فأوحى إليهم) أشار إليهم ( أن سبحوا) صلوا (بكرة و عشيا) طرفي النهار فعلم حمل امرأته بمنعه من الكلام و بعد أن ولد يحي بسنتين قال الله له ( يا يحي خذ الكتاب) التوراة (بقوة) بجد و اجتهاد ( وآتيناه الحكم صبيا) أي أعطيناه على صغره النبوة والحكمة ونشأ من صغره على الاقبال على الله وترك اللعب كما هو دأب الصبيان وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم رحم الله أخي يحي حين دعاه الصبيان إلي اللعب وهو صغير فقال لا للعب خلقت فكيف ممن أدرك الحنث من مقاله رواه ابن عساكر ( وحنانا من لدن) رحمة منا عليه وتعطفا في قلبه على أبويه وكل من لديه ( وزكاة) وطهارة من الذنوب ( وكان تقيا) مقبلا على الله بفلبه وقالبه ( وبرا بوالديه) محسنا إليهما ( ولم يكن جبارا) متكبرا ( عصيا) عاصيا ربه ( وسلام عليه) من الله ( يوم ولد) من نيل الشيطان له ( ويوم يموت) من عذاب القبر ( ويوم يبعث حيا) من هول يوم القيامة ( واذكر في الكتاب) في القرآن ( مريم ) واقعتها (إذ انتبذت) اعتزلت ( من أهلها مكانا شرقيا) شرقى دارهم لتغتسل من حيضها (فاتخذت) أرسلت ( من دونهم حجابا) سترا بينها و بينهم ( فأرسلنا إليها روحنا) جبريل (فتمثل لها) فتصور لها (بشرا سويا) آدميا شابا سوى الخلق و ذلك بعد لبس ثيابها ( قالت إني أعوذ بالرحمن منك) أيها البشر (إن كنت تقيا) مؤمنا طائعا ( قال إنما أنا رسول ربك) الذي استعذت به جئتك (لأهب لك غلاما زكيا) نبيا عظيما وقرئ نيهب بالياء ( قالت) مريم (أني يكون لي غلام) ولد ( ولم يمسسني بشر) ولم أتزوج ( ولم أك بغيا) زانية (قال) الأمر (كذلك) بخلق غلام منك بغير أب (قال ربك هو علي هين) وأنا القادر على كل شيء (ولنجعله آية) علامة (للناس) على قدرتنا( ورحمة منا) لمن يهدي به ( وكان أمرا مقضيا) قضينا به أن يكون فنفخ جبريل في جيب درعها ( فحملته) أي حملت بعيسى ( فانتبذت به) تباعدت بالحمل (مكانا قصيا) بعيدا من أهلها (فأجاءها المخاض) وجع الولادة ألجأها ( إلي جذع النخلة) لتستر به و تعتمد عليه (قالت ياليتني مت قبل هذا) مستحيية مما وقع لها خاشية من كلام الناس وقرئ مت (وكنت نسيا منسيا) متروكا لا أذكر وقرئ بكسر النون (فناداها من تحتها) جبريل أسفل منها (ألا تحزني) أي لا تحزني ( قد جعل ربك تحتك سريا) جدول ماء هكذا روي (وهزي إليك بجذع النخلة) حركيها
تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ
(تساقط عليك) وفرئ تساقط (رطبا جنيا) فهزتها مع أنها كانت يابسة فأثمرت و رمت لها الثمر و قيل لها (فكلي) من الرطب (واشربي) من الماء أو من عصير الرطب ( وقرى عينا) طيبي نفسا وقرئ بكسر القاف (فإما ترين من البشر أحدا) أي فإن ترى آدميا فيسألك عن ولادتك (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) إمساكا عن الكلام وقرئ صمتا ( فلن أكلم اليوم إنسيا) بعد نذري (فأتت به) بعيسى (قومها تحمله) حاملته معها (قالوا) حين رأوا ذلك (يا مريم لقد جئت شيئا فريا) منكرا عظيما من حيث إنك و لدت من غير زوج (يا أخت هارون) هو رجل صالح أي يا شبيهته في العفة و الطهارة ( ما كان أبوك امرأ سوء) زانيا ( وما كانت أمك بغيا ) أي زانية وفي الآية تنبيه على استقباح الفحش من أولاد الصالحين أكثر من غيرهم ( فأشارت إليه) بأن كلموه فإنه يجيبكم ( قالوا كيف نكلم من كان) وجد (في المهد صبيا) رضيعا وليس هذا سن الكلام ( قال ) عيسى ( إني عبد الله) أنطقه الله بذلك لبراءتها وتنويها بشأنه (آتاني الكتاب) الإنجيل ( وجعلني نبيا) من خاصة أنبيائه (وجعلني مباركا) مظهر البركة ونفع العباد (أينما كنت) أي حيثما كنت ( وأوصاني) أمرني (بالصلاة) بحضور لجنابه ( و الزكاة) تطهير نفسي من الشغل بغيره ( ما دمت حيا)مدة حياتي لأن الدنيا هي دار التكليف ( وبرا بوالدتي) أي جعلني بارا بها مطيعا لها محسنا إليها ( ولم يجعلني جبارا) متكبرا (شقيا) عنده ( و السلام علي) من الله ( يوم ولدت) من نزغة الشيطان وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بأصبعيه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب رواه الشيخان ( و يوم أموت ) أنال السلام من الله ( ويوم أبعث حيا) من قبري كذلك (ذلك) المنعوت هو ( عيسى بن مريم) ابنة عمران (قول الحق) كلمة الحق المخلوق عنها ( الذي فيه يمترون) يشكون فبعضهم قال هو ابن زنا وقد رد الله عليهم بقوله قول الحق و آخرون قالوا ابن الله ورد الله عليهم بقوله (ما كان لله) ما ينبغي له (أن يتخذ من ولد) بل هو الغني بذاته المنزه عن الوالد والولد و الصاحبة و الشريك
كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9) قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ
(بسم الله الرحمن الرحيمكهيعص) كمال هدايتنا وهبناه ينبوع علمنا الصادق الصفي محمدا صلى الله عليه وسلم هذا (ذكر رحمت ربك) وقرئ ذكر رحمة على الماضي وقرئ ذكر على الأمر (عبده) المنبأ (زكريا) صلى الله على نبينا وعليه ( إذ نادى ) زكرياء ( ربه نداء ) دعاء ( خفيا ) جوف الليلل سرا (قال رب إني وهن ) ضعف ( العظم مني ) عظمي ( واشتعل الرأس شيبا ) كثر شيب رأسي ( ولم أكن بدعائك ) بطلبي منك ( رب شقيا ) خائبا فاستجب لي ( و إني خفت الموالي ) أولاد عمي ( من ورائي ) أي بعد موتي أن لا يحفظوا الدين وقرئ خفت الموالي أي قلوا ( وكانت امرأتي عاقرا ) لا تلد ( فهب لي من لدنك ) من واسع فضلك ( وليا ) ابنا صالحا ( يرثني) وقرئ مجزوما ( ويرث من آل يعقوب ) جدى إسرائيل النبوة ( واجعله رب رضيا) مرضيا لديك فاستجاب الله دعاءه وقال له (يا زكريا إنا نبشرك بغلام ) يكون نبيا صالحا ( اسمه يحي) يحي به علمنا وطاعتنا ( لم نجعل له من قبل سميا) أي لم يسم قبله بهذا الاسم أحد (قال) زكرياء (رب أني) كيف ( يكون لي غلام وكانت امرأتي) فيما مضى (عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا) أي انتهاء في السن وحالي وحالها لا يقتضي الولادة ( قال ) أي الله (كذلك) الأمر أخلق منكما الغلام ( قال ربك هو علي هين ) أرد عليك قوة الجماع وأفتق رحم امرأتك للحمل وقرئ وهو علي هين (وقد خلقتك من قبل) وأنا القادر ( ولم تك شيئا) بل كنت معدوما ( قال ) زكرياء ( رب اجعل لي آية) علامة على حمل امرأتي ( قال ءايتك) على ذلك ( ألا تكلم الناس) تترك مكالمتهم و تشتغل بالذكر
ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16) فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20) قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21) فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
(ثلاث ليال) بأيامهن كما في سورة آل عمران ثلاثة أيام ( سويا) أي وأنت صحيح ( فخرج على قومه من المحراب) من المسجد ولم يقدر على الكلام ( فأوحى إليهم) أشار إليهم ( أن سبحوا) صلوا (بكرة و عشيا) طرفي النهار فعلم حمل امرأته بمنعه من الكلام و بعد أن ولد يحي بسنتين قال الله له ( يا يحي خذ الكتاب) التوراة (بقوة) بجد و اجتهاد ( وآتيناه الحكم صبيا) أي أعطيناه على صغره النبوة والحكمة ونشأ من صغره على الاقبال على الله وترك اللعب كما هو دأب الصبيان وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم رحم الله أخي يحي حين دعاه الصبيان إلي اللعب وهو صغير فقال لا للعب خلقت فكيف ممن أدرك الحنث من مقاله رواه ابن عساكر ( وحنانا من لدن) رحمة منا عليه وتعطفا في قلبه على أبويه وكل من لديه ( وزكاة) وطهارة من الذنوب ( وكان تقيا) مقبلا على الله بفلبه وقالبه ( وبرا بوالديه) محسنا إليهما ( ولم يكن جبارا) متكبرا ( عصيا) عاصيا ربه ( وسلام عليه) من الله ( يوم ولد) من نيل الشيطان له ( ويوم يموت) من عذاب القبر ( ويوم يبعث حيا) من هول يوم القيامة ( واذكر في الكتاب) في القرآن ( مريم ) واقعتها (إذ انتبذت) اعتزلت ( من أهلها مكانا شرقيا) شرقى دارهم لتغتسل من حيضها (فاتخذت) أرسلت ( من دونهم حجابا) سترا بينها و بينهم ( فأرسلنا إليها روحنا) جبريل (فتمثل لها) فتصور لها (بشرا سويا) آدميا شابا سوى الخلق و ذلك بعد لبس ثيابها ( قالت إني أعوذ بالرحمن منك) أيها البشر (إن كنت تقيا) مؤمنا طائعا ( قال إنما أنا رسول ربك) الذي استعذت به جئتك (لأهب لك غلاما زكيا) نبيا عظيما وقرئ نيهب بالياء ( قالت) مريم (أني يكون لي غلام) ولد ( ولم يمسسني بشر) ولم أتزوج ( ولم أك بغيا) زانية (قال) الأمر (كذلك) بخلق غلام منك بغير أب (قال ربك هو علي هين) وأنا القادر على كل شيء (ولنجعله آية) علامة (للناس) على قدرتنا( ورحمة منا) لمن يهدي به ( وكان أمرا مقضيا) قضينا به أن يكون فنفخ جبريل في جيب درعها ( فحملته) أي حملت بعيسى ( فانتبذت به) تباعدت بالحمل (مكانا قصيا) بعيدا من أهلها (فأجاءها المخاض) وجع الولادة ألجأها ( إلي جذع النخلة) لتستر به و تعتمد عليه (قالت ياليتني مت قبل هذا) مستحيية مما وقع لها خاشية من كلام الناس وقرئ مت (وكنت نسيا منسيا) متروكا لا أذكر وقرئ بكسر النون (فناداها من تحتها) جبريل أسفل منها (ألا تحزني) أي لا تحزني ( قد جعل ربك تحتك سريا) جدول ماء هكذا روي (وهزي إليك بجذع النخلة) حركيها
تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ
(تساقط عليك) وفرئ تساقط (رطبا جنيا) فهزتها مع أنها كانت يابسة فأثمرت و رمت لها الثمر و قيل لها (فكلي) من الرطب (واشربي) من الماء أو من عصير الرطب ( وقرى عينا) طيبي نفسا وقرئ بكسر القاف (فإما ترين من البشر أحدا) أي فإن ترى آدميا فيسألك عن ولادتك (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) إمساكا عن الكلام وقرئ صمتا ( فلن أكلم اليوم إنسيا) بعد نذري (فأتت به) بعيسى (قومها تحمله) حاملته معها (قالوا) حين رأوا ذلك (يا مريم لقد جئت شيئا فريا) منكرا عظيما من حيث إنك و لدت من غير زوج (يا أخت هارون) هو رجل صالح أي يا شبيهته في العفة و الطهارة ( ما كان أبوك امرأ سوء) زانيا ( وما كانت أمك بغيا ) أي زانية وفي الآية تنبيه على استقباح الفحش من أولاد الصالحين أكثر من غيرهم ( فأشارت إليه) بأن كلموه فإنه يجيبكم ( قالوا كيف نكلم من كان) وجد (في المهد صبيا) رضيعا وليس هذا سن الكلام ( قال ) عيسى ( إني عبد الله) أنطقه الله بذلك لبراءتها وتنويها بشأنه (آتاني الكتاب) الإنجيل ( وجعلني نبيا) من خاصة أنبيائه (وجعلني مباركا) مظهر البركة ونفع العباد (أينما كنت) أي حيثما كنت ( وأوصاني) أمرني (بالصلاة) بحضور لجنابه ( و الزكاة) تطهير نفسي من الشغل بغيره ( ما دمت حيا)مدة حياتي لأن الدنيا هي دار التكليف ( وبرا بوالدتي) أي جعلني بارا بها مطيعا لها محسنا إليها ( ولم يجعلني جبارا) متكبرا (شقيا) عنده ( و السلام علي) من الله ( يوم ولدت) من نزغة الشيطان وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بأصبعيه حين يولد غير عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب رواه الشيخان ( و يوم أموت ) أنال السلام من الله ( ويوم أبعث حيا) من قبري كذلك (ذلك) المنعوت هو ( عيسى بن مريم) ابنة عمران (قول الحق) كلمة الحق المخلوق عنها ( الذي فيه يمترون) يشكون فبعضهم قال هو ابن زنا وقد رد الله عليهم بقوله قول الحق و آخرون قالوا ابن الله ورد الله عليهم بقوله (ما كان لله) ما ينبغي له (أن يتخذ من ولد) بل هو الغني بذاته المنزه عن الوالد والولد و الصاحبة و الشريك